شكرا لك على الموضوع...
فالأخلاق إذا كانت طبعا كان من الصعب زوالها عن مكانها . قال أحدهم \" لزوال
جبل عن مكانه أيسر من زوال رجل عن طبعه \" . وهناك قصة العربية العجوز
التي لا تملك إلا شاة تعتاش على حليبها رأت في يوم من الأيام رضيع ذئب
ماتت أمه فحنت عليه واتت به إلى الشاة وبدا يتغذى من حليبها فلما كبر أكل
الشاة وترك العجوز لمصير لا يعلمه إلا الله جل في علاه فقالت العجوز تخاطب
صغير الذئب الذي كبر :
أكلت شويهتي وفجعت قلبي * * * وأنت لشاتنا ولد ربيب
غزيت بدرها ورضعت منها * * * فمن أنباك أن أباك ذيب
إذا كانت الطباع طباع سوء * * * فلا أدب يفيد ولا أديب
يروى أنه هناك ضفدع يقفز بين أوراق الأشجار الطافية بعد أن أغرق ماء
النهر بفيضانه الأرض حوله، فلمح الضفدع عقربًا يقف حائرًا على أحد الصخور،
والماء يحيط به من كل جانب، قال العقرب للضفدع: يا صاحبي ألا تعمل معروفًا
وتحملني على ظهرك لتعبر بي إلى اليابس فإني لا أجيد العوم، ابتسم الضفدع
ساخرًا وقال: كيف أحملك على ظهري أيها العقرب وأنت من طبعك اللسع؟
قال العقرب في جدية: أنا ألسعك؟! كيف وأنت تحملني على ظهرك، فإذا قرصتك
مت في حينك وغرقت وغرقت معك؟ تردد الضفدع قليلاً وقال للعقرب: كلامك
معقول ولكني أخاف أن تنسى. قال العقرب: كيف أنسى يا صديقي،
إن كنت سأنسى المعروف، فهل أنسى أني معرض للموت؟ هل أعرض
نفسي للموت بسبب لسعة؟! بدت القناعة على الضفدع بسبب لهجة
العقرب الصادقة، فاقترب منه، فقفز العقرب على ظهره وسار الضفدع في
النهر يتبادل الحديث الهادئ مع العقرب الساكن على ظهره، وفي وسط النهر
تحركت أطراف العقرب في قلق، وتوجس الضفدع شرًا، فقال للعقرب في ريبة:
ماذا بك يا صديقي؟ قال العقرب في تردد وقلق: لا أدري يا صديقي، شيء
يتحرك في صدري. زاد الضفدع من سرعته عومًا وقفزًا في الماء، وإذا به
يستشعر لسعة ق وية في ظهره، فتخور قواه بعد أن سرى سم العقرب في
جسده، وبينما يبتلع الماء جسديهما نظر الضفدع إلى العقرب في أسى
وهو يبتلع الماء ليغرق، فقال العقرب في حزن شديد قبل أن يبتلعه الماء:
اعذرني يا صاحبي فإن الطبع غلاب .